Oselni.com
تقييم الموضوع :
  • 0 أصوات - بمعدل 0
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
التحذير من زلة العالم:
#1
التحذير من زلة العالم:

وقد صح عن معاذ بن جبل أنه قال: كيف تصنعون بثلاث:

(دنيا تقطع أعناقكم , وزلة عالم , وجدال منافق بالقرآن ).


فأما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم , وإن افتتن فلا تقطعوا منه إياسكم ، فإن المؤمن يفتتن ثم يتوب.
وأما القرآن: فإن له مناراً كمنار الطريق ، لا يخفي على أحد , فما علمتم منه فلا تسألوا عنه أحداً ، ومالم تعلموه فكلوه إلي عالمه.
وأما الدنيا: فمن جعل الله غناه في قلبه فقد أفلح , ومن لا فليست بنافعته دنياه أ.هـ

وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله r يقول:

(إني لا أخاف على أمتي من بعدي إلا من أعمال ثلاثة) قالوا: وما هي يا رسول الله؟
قال: (أخاف عليهم زلة عالم , ومن حكم جائر , ومن هوى متبع).


قال ابن القيم رحمه الله: والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبين زلة العالم ليبينوا بذلك فساد التقليد , وأن العالم قد يزل ولابد؛ إذ ليس بمعصوم ، فلا يجوز قبول كل ما يقوله , وينزل قوله منزلة قول المعصوم , فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض وحرَّموه , وذموا أهله , وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم , فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه وفيما لم يزل فيه , وليس لهم تمييز بين ذلك , فيأخذون الدين بالخطأ ولابد فيحلون ما حرم الله ، ويحرمون ما أحل الله ، ويشرعون مالم يشرع , ولابد لهم من ذلك؛ إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه ، فالخطأ واقع منه ولابد. ومن المعروف أن المخوف من زلة العالم تقليده فيها , إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره أ.هـ ([1]).


وقد أورد الشاطبي رحمه الله ما خرجه ابن وضاح عن عبد الله بن مسعود y وخرج عنه ابن وهب أيضاً أنه قال: عليكم بالعلم قبل أن يقبض , وقبضه بذهاب أهله , عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدرى متى يفتقر إلي ما عنده ، وستجدون أقواماً يزعمون أنهم يدعون إلي كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم أ.هـ ([2]).
قال الشاطبي رحمه الله فيما أورد عن الصحابة y في هذا الشأن ما خرجه أبو داود وغيره عن معاذ بن جبل y أنه قال: إن من ورائكم فتن يكثر فيها المال ويفتح فيه القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر , فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره , وإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة ، وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم , وقد يقول المنافق كلمة الحق.

قال الراوي: قلت لمعاذ: وما يدريني يرحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة ضلالة ، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى , اجتنب من كلام الحكيم غير المشتهرات التي يقال فيها: ما هذه؟ ولا يثنيك ذلك عنه ، فإنه لعله أن يراجع , وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً. وفي رواية مكان ( المشتهرات ) " المتشابهات " , وفسر بأنه ما تشابه عليك من قوله حتى يقال: ما أراد بهذه الكلمة؟ ويريد والله أعلم مالم يشتمل ظاهره على مقتضى السنة ، حتى تنكره القلوب ، ويقول الناس: ما هذه؟ وذلك راجع إلي ما يحذر من زلة العالم حسبما يأتى بحول الله أ.هـ ([3])

قال ابن القيم: فإذا عرف إنها زلة ،لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين , فإنه اتباع للخطأ على عمد ، ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه , وكلاهما مفرط فيما أمر به.

وقال الشعبي: قال عمر: يفسد الزمان ثلاثة: أئمة مضلون ، وجدال منافق بالقرآن والقرآن حق ، وزلة العالم.

وقد تقدم أن معاذا كان لا يجلس مجلساً للذكر إلا قال حين يجلس: الله حكم قسط , هلك المرتابون .. الحديث وفيه: وأحذركم زيغة الحكيم , فإن الشيطان قد يقول الضلالة على لسان الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق أ.هـ ([4]).

فتقليد الآخرين؛ علماء أو آباء أو ما عليه الناس كل ذلك لا يغنى عن الحق شيئاً. وقد نقل أهل العلم في ذم ذلك ومنعه آثاراً كثيرة ونصوصاً عديدة من القرآن والسنة وقد تكاثرت الأدلة في ذلك الشأن في النهي عن الاقتداء بالآخرين بغير علم وبغير بينة وبغير برهان ، وحذرت وأنذرت وقد أسمعت من كان حياً وألقى السمع وهو شهيد.

قال ابن القيم: قال تعالي:

﴿ وَكَذَلِكَ مَا أرسلنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آباءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أولَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءكُمْ ﴾ الزخرف: 23/24

فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا: ﴿ إِنَّا بِمَا أرسلتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾. وفي هؤلاء وأمثالهم قال الله عز وجل: [ البقرة: 166/167 ].

﴿ إذ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأوا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾
وقال تعالي معاتباً أهل الكفر وذاماً لهم:
﴿ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آباءنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴾ [ الأنبياء: 52 ].

وقال تعالي: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾ [ الأحزاب: 67 ].

ومثل هذا في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء , وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد , ولم يمنعهم كفر أولئك في الاحتجاج بها , لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر , وإنما وقع التشبيه بين المقلدين بغير حجة للمقلد , كما لو قلد رجلاً فكفر , وقلد آخر فأذنب , وقلد آخر في مسألة فأخطأ وجهها , كان كل واحد ملوماً على التقليد بغير حجة , لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضاً وإن اختلفت الآثام فيه أ.هـ ([5]).

وهذا الذي ذكره ابن القيم من وحدة الحكم إذا كان العمل واحداً صورة ومعنى يعتبر قاعدة في أصول الفهم عن الله وعن الرسولr وقاعدة في أصول التفسير , قال السيوطي رحمه الله في الإتقان نقلاً عن ابن تيمية:

قد يجيء كثيراً من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا – لا سيما إن كان المذكور شخصاً – كقولهم إن آية الظهار في امرأة ثابت بن قيس , وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله , وأن قوله تعالي: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بينهمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ نزلت في بني قريظة والنضير , ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة , أو في قوم من اليهود والنصارى أو في قوم من المؤمنين. فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم , فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق. والناس إن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب: هل يختص بسببه؟ فلم يقل أحد أن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين , وإنما غاية ما يقال: أنها تختص بنوع هذا الشخص فتعم ما يشبهه , ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ. والآية التي لها سبب معين إن كانت: أمراً أو نهياً فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته , وإن كانت خبراً بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته أ.هـ ([6]).

وهذا الذي نقله السيوطى في مصنفه الإتقان في علوم القرآن من معنى في هذا الشأن ، هو بذاته الذي يسميه أهل الأصول في مصنفاتهم بقاعدة ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) بمعنى أن سبب نزول النص وإن كان هام جداً في تفسيره والوقوف على معناه ، إلا أن ترتيب الأحكام لا تقتصر على الواقعة المعينة التي نزل بسببها النص ، بل هو يحكمها ويحكم سائر الوقائع المماثلة لها المتفقة معها في سبب الحكم وعلته. هذا ما يقتضيه عموم لفظ النص كأصل حاكم والوقائع تتعدد بتعدد الأفراد. وفي هذا المعنى أيضاً ويؤكده ما نقله الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الإجماع على ذلك قال رحمه الله: فإن جادل منافق بكون الآية نزلت في الكفار فقولوا له : هل قال أحد من أهل العلم أولهم وآخرهم أن هذه الآيات لا تعم من عمل بها من المسلمين , من قال هذا قبلك؟ وأيضاً تقولون له: هذا رد على إجماع الأمة , فإن استدلالهم بالآيات النازلة في الكفار على من عمل بها ممن انتسب إلي الإسلام أكثر من أن يذكر أ.هـ ([7]).

([1]) إعلام الموقعين صـ441.
([2]) الاعتصام. الباب الثانى.
([3]) السابق.
( ([4]إعلام الموقعين صـ441.
([5]) إعلام الموقعين صـ440.
([6]) الإتقان في علوم القرآن. السيوطى صـ47.
([7]) تاريخ نجد صـ325.

منقول

الجامعة الدولية الالكترونية
الرد



#2
بارك الله فيكم رالاخت زائد عشرين نقطة + وسام افضل موضوع  [صورة: bestthread.gif] 

طبعا فقط معنوية وللتفريق  بين الاعضاء المتميزين والموثوقين والاعضاء العاديين  ..والله جميل ولكن من الكاتب ومن انتم بالضبط لو امكن

التوقيع: اي رسالة على الخاص سوف يتم  تجاهلها ماعدا الادارة حتى يستفيد الجميع لنتناقش في المواضبع وشكرا.قناتي على موقع ياكولاين  
الرد





المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة .
الموضوع : الكاتب الردود : المشاهدات : آخر رد
  سلسلة نهاية العالم للشيخ محمد حسان ettaher 0 3,632 07-22-2015, 12:53 AM
آخر رد: ettaher

التنقل السريع :


يقوم بقرائة الموضوع: بالاضافة الى ( 1 ) ضيف كريم